{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26)}{الملك يَوْمَئِذٍ الحق للرحمن} أي السلطنة القاهرة والاستيلاء الكلي العام الثابت صورة ومعنى ظاهرًا وباطنًابحيث لا زوال له ثابت للرحمن يوم إذ تشقق السماء ونزل للملائكة، فالملك مبتدأ و{الحق} صفته و{للرحمن} خبره و{يَوْمَئِذٍ} ظرف لثبوت الخبر للمبتدأ، وفائدة التقييد ان ثبوت الملك له تعالى خاصة يومئذ وأما فيما عدداه من أيام الدنيا فيكون لغيره عز وجل أيضًا تصرف صوري في الجملة واختار هذا بعض المحققين، ولعل أمر الفصل بين الصفة والموصوف بالظرف المذكور سهل، وقيل: «الملك» مبتدأ و«يومئذ» متعلق به وهو عنى المالكية {والحق} خبره و{للرحمن} متعلق بالحق. وتعقب بأنه لا يظهر حينئذ نكتة إيراد المسند معرفًا فإن الظاهر عليه أن يقال: الملك يومئذ حق للرحمن. وأجيب بأن في تعلقه بما ذكر تأكيد لما يفيده تعريف الطرفين، وقيل: هو متعلق حذوف على التبيين كما في سقيا لك والمبين من له الملك، وقيل: متعلق حذوف وقع صفة للحق وهو كما ترى، وقيل: «يومئذ» هو الخبر و«الحق» نعت للملك و«الرحمن» متعلق به، وفيه الفصل بين الصفة والموصوف بالخبر فلا تغفل.ومنعوا تعلق {يَوْمَئِذٍ} فأما إذا لم يكن خبرًا بالحق وعللوا ذلك بأنه مصدر والمصدر لا تتقدم عليه صلته ولو ظرفا وفيه بحث، والجملة على أكثر الاحتمالات السابقة في عامل {يَوْم} [الفرقان: 25] استئناف مسوق لبيان أحوال ذلك اليوم وأهواله، وإيراده تعالى بعنوان الرحمانية للإيذان بأن اتصافه عز وجل بغاية الرحمة لا يهون الخطب على الكفرة المشار إليه بقوله تعالى: {وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الكافرين عَسِيرًا} أي وكان ذلك اليوم مع كون الملك فيه لله تعالى المبالغ في الرحمة بعباده شديدًا على الكافرين، والمراد شدة ما فيه من الأهوال، وفسر الراغب العسير بما لا يتيسر فيه أمر؛ والجملة اعتراض تذييلي مقرر لما قبله، وفيها إشارة إلى كون ذلك اليوم يسيرًا للمؤمنين وفي الحديث: «إنه يهون على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا».